بعد تآكله بسبب الصدأ وتجاهل ترميمه.. هل يسقط برج إيفل؟
بعد تآكله بسبب الصدأ وتجاهل ترميمه.. هل يسقط برج إيفل؟
يواجه برج إيفل"، وجه الدولة الفرنسية الأول ورمزها، وأحد أكثر المعالم السياحة زيارة في العالم، خطرًا كبيرًا بفعل الصدأ الذي طال البرج الحديدي، حيث كشفت تسريبات صحفية نقلاً عن مسؤولين داخل إدارة برج إيفل، عن أنه يواجه خطرًا كبيرا بفعل الصدأ، ووفقًا لآراء متداولة فإن البرج بحالة مزرية ويحتاج إلى تدخل فوري وإصلاح كامل.
الوثائق المسربة كشفت عن أن برج إيفل في حالة سيئة ويغطيه الصدأ ويحتاج إلى إصلاح وترميم بشكل كامل، لكن بدلًا من ذلك تم ترميمه تجميليا فقط تحضيرا للألعاب الأولمبية عام 2024.
ترميم تجميلي
ويخضع البرج الذي يبلغ ارتفاعه 324 مترا ويبلغ وزنه 7300 طن، لعملية إعادة طلاء بقيمة 60 مليون يورو (نحو 61 مليون دولار) استعدادا لدورة الألعاب الأولمبية لعام 2024، وهي المرة العشرين التي يتم فيها إعادة طلاء النصب التذكاري، وكان من المفترض أن يتم تجريد ثلث البرج ثم وضع طبقتين جديدتين.
ومع ذلك، فإن التأخير في العمل بسبب وباء كورونا ووجود مستويات مقلقة من الرصاص في الطلاء القديم يعني أنه سيتم علاج 5% فقط من الضرر.
وقال مصدر لمجلة "ماريان" الفرنسية: "إذا زار غوستاف إيفل المكان فسوف يصاب بنوبة قلبية"، مشيرا إلى أن "الترميم الذي حصل لم يكن سوى عملية تجميل وأن النتيجة النهائية ستكون مؤسفة".
وأكد خبراء للصحيفة، أن "برج إيفل يحتاج إلى إعادة تجريده بالكامل من المعدن وإصلاحه وإعادة طلائه، وأن الطلاء على الطلاء القديم يزيد من التآكل".
من الرغبة في هدمه إلى تحويله مزاراً
تستمد الأشياء قيمتها من أسباب وجودها وقوة تأثيرها ودلالتها وما ترمز إليه، وليس هناك ما هو أعظم من برج إيفل أثرًا ودلالة ورمزًا للفرنسيين والعالم، ليكون برجًا عظيم الشأن، الاهتمام به فريضة، وإهماله جريمة.
لم يتخيل أحد على سطح هذا الكوكب أن برج إيفل المتنازع على تشييده سيصبح رمزا للإنسانية كلها، أثار جدلا وخلافا حادا، بل إن الكثيرين حاولوا رفض بنائه من الأساس.
ما هي قصته؟
فيما أراد البعض علمًا سياحيًا يؤرخ لواحدة من أهم ثورات أوروبا الحديثة، وآخرون فضلوا رمزاً يُضيء حاضر العالم ومستقبله، خرج إلى النور تحفة هندسية لم يكن لها مثيل في الشرق والغرب.
"برج إيفل"، أهم معالم عاصمة النور، باريس، لم يكن مجرد برج حديدي، ولكنه في واقع الأمر رمز للعصر الحديث، أُقيم ليُصبح بوابة مؤقتة للمعرض العالمي الذي أقيم في تلك المدينة عام 1889، ليواكب الذكرى المئوية الأولي للثورة الفرنسية، يقع في أقصى الشمال الغربي لحديقة شامب دي مارس، بالقرب من نهر السين.
في البداية أرادت الحكومة الفرنسية أن تبني مبنى شاهقا يخلد ذكرى الثورة، فقدم المهندسون المدنيون تصميمات من الأعمدة الخرسانية، وإن كان الفضل يعود للمصمم "موريس كوشلن" رئيس مكتب طرائق إيفل وشركائه، في هذا التصميم الفريد من نوعه، ليكون أعلى برج سياحي في العالم، رغم أنه سُمي على اسم المهندس الفرنسي "جوستاف إيفل".
يصل ارتفاع برج إيفل إلى حوالي 324 مترا، شارك في بنائه 50 مهندسا و300 عامل، واستغرقت عملية البناء 21 شهرا، لينتهي العمل في 31 مارس 1889، بتكلفة 6.5 مليون فرنك في ذلك الوقت، بزيادة 1.5 مليون على كان متوقعا قبل بداية العمل، ويتكون من 18.038 قطعة حديد، و2.5 مليون مسمار، ليزن إجماليا حوالي 10 آلاف طن، كما أنه يرتكز على 4 أعمدة، بينهم قاعدة أبعادها 125× 125، أي بمساحة 15.625 متر مربع.
كان تجميع مكونات البرج داخل مصانع شركات إيفل في ليفالوا بيريه، السبب الحقيقي لإنجاز إنشاء البرج في فترة قياسية، فإذا كان البرج يضم 2.5 مليون مسمار، فإن أكثر من مليون و508 آلاف مسمار فقط تم تركيبها في الموقع، أي حوالي 42% من مجموع المسامير المستخدمة، حتى قطع الحديد تم تجميعها على الأرض في ورش ليفالوا بيريه، بواسطة قطع طولها 5 أمتار، وعندما وصل الارتفاع إلى 30 مترا ترفع الأجزاء باستخدام رافعات عن طريق المصاعد.
ولإتمام عملية البناء شُيدت 12 منصة خشبية بين ارتفاع 30 و45 مترا، وبعد اجتياز ارتفاع 45 مترا، ثبتت منصات أخرى مناسبة مع 70 طنا للحزمة التي استخدمت في الطابق الأول، ثم مد وصلة تقاطع هذه الحزم الضخمة مع الأطراف الأربعة في الطابق الأول، ثم استُبدلت المنصات المؤقتة بالطابق الأول الذي يقع على ارتفاع 57 مترا عام 1887، ثم شيدت منصة أخرى على ارتفاع 115 مترا عام 1888، لينتهي العمل في البرج في الوقت المحدد له عام 1889.
ويتألف البرج من 3 طوابق، الأول على ارتفاع 57 مترا من سطح الأرض، تبلغ مساحته 4200 متر مربع، قدرته الاستيعابية 3000 فرد، تحيط به مقصورة دائرية الشكل، تسمح برؤية باريس من كل الجوانب، يوجد به عدة تليسكوبات لمشاهدة باريس، وفي الوجه الخارجي كتب بحروف من ذهب أسماء 72 شخصية علمية من القرنين 18 و19، كما يوجد به مطعم كبير.
أما الطابق الثاني، فيوجد على بُعد 115 مترا من سطح الأرض، بمساحة تقدر بحوالي 1650 مترا مربعا، يستوعب 1600 فرد، ويوجد به مطعم "لو جون فيرن"، والطابق الثالث يوجد على ارتفاع 275 مترا من مستوى سطح الأرض، مساحته 350 مترا مربعا، يستوعب 400 فرد، يوجد بهذا الطابق تماثيل شمعية تظهر "غوستاف إيفل" يستقبل "توماس إديسون"، وفي الجزء العلوي للبرج يوجد عامود للبث التليفزيوني، ثُبت عام 1957، واستكمل في عام 1959 ليغطي ما يقرب من 10 ملايين منزل، وفي عام 2005 تم الانتهاء من عامود البث ليصل العدد إلى 116 هوائيا للبث التلفزيوني والإذاعي، وبذلك يصل ارتفاع البرج إلى 327 مترا، ولكي تصل إلى القمة، عليك أن تصعد 1665 درجة.
الغريب أن الحكومة الفرنسية كانت قررت أن كافة المباني الخاصة بالمعرض العالمي سيتم هدمها بمجرد انتهاء المعرض، بما في ذلك برج إيفل نفسه، إلا أن "جوستاف إيفل" نجح في الحصول على حق امتياز البرج لمدة 20 عاما، لذلك لم يُهدم حتى الآن، وظل الهيكل الحديدي قائما حتى صار مركزا لكافة المظاهر الاحتفالية في فرنسا كلها.
فائدة جديدة تنقذ البرج من الهدم
"الإذاعة".. كانت كلمة السر التي أنقذت برج إيفل من الهدم، حيث اكتشف المتخصصون أن مدى البث من البرج يبلغ 3 آلاف كيلومتر، وبذلك تحول البرج من هيكل لا فائدة منه، إلى منشأة لا يمكن الاستغناء عنها، ولم يقتصر الأمر على هوائيات الإذاعة والقنوات التلفزيونية، وإنما أصبح البرج في قلب كافة الأحداث والاحتفالات الباريسية، حيث تطلق منه الألعاب النارية في العيد الوطني الفرنسي، وتقام حلبة للتزلج في الدور الأول خلال فصل الشتاء.
المثير في البرج الحديدي، أنه كما النساء، يحتاج إلى عملية تجميل كل 7 سنوات، فالبنية المعدنية للبرج تحتاج لطلائها، ومع كل عملية تجميل يستهلك فيها 60 طنا من الطلاء، وتستغرق العملية عاما ونصف العام.
بل واعترض عليه أكثر من 300 فنان من بينهم "ألكسندر دوماس" و"شارل جارنييه" مصمم أوبرا باريس، والتي افتتحت في نفس التوقيت، ربما لأنه كما يقول المختصون في هندسة الإنشاءات التاريخية يكشف عن جرأة كبيرة في فن العمارة، وكان رمزا للحداثة وللقدرة والخبرة الفرنسية، أو لأن عدد زواره فاق كل التوقعات حتى توقعات جوستاف إيفل نفسه، فقد توقع أن يزور البرج سنويا 500 ألف زائر، لكن الواقع فاق توقعه، فبلغ زواره في السنة الأولى لافتتاحه أكثر من 2 مليون زائر، وفي عام 2005 وصل إلى 6 ملايين، وفي عام 2002 سجل البرج الزائر رقم 200 مليون له منذ إنشائه.